بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه سیـــزده
ولعل نظره الی ان الاجماع المذکور انما حدث لاجل خطأ الجمعين في تشخيص مقتضی القاعدة، من عدم تصويرهم بان المطلوب في الحج الطبيعة علی نحو صرف الوجود، او عدم مغايرة ماهية الواجب والمندوب ثم انه ربما يبتني علی ما حققناه في تقريب مدعی صاحب العروة امران:
الاول:
ان الحج واجب علی کل واحد من المسلمين مرة واحدة في عمرهم واشتراط الاستطاعة کاشتراط الامور العامة انما يکون دخيلاً في فعلية وجوبه الحج لا في ملاکه. بل الملاک تام في موارد فقد الشرط.
والشاهد علی وجود الملاک، استحباب حج غير البالغ او حج المجنون او حج العبد، او حج غير المستطيع، ومعنی استحبابه، وجود الملاک الکاشف عن مشروعية وثبوت الرجحان به.
نعم، الملاک المزبور ليس ملزماً بالنسبة الی فاقد الشرط من جهل عدم بلوغه مرتبة الفعلية من حيث فقد الشروط المذکورة الدخيلة فيها.
فالاتي بالحج مع عدم واجدتيه لشرط الاستطاعة او غيره من الشروط العامة انما اتی بالطبيعة الواجدة للملاک.
ولذلک نقول: ان في مثل موارد استلزام الاتيان بالحج للضرر او الحرج او ترک واجب فوري، او ارتکاب حرام، لا يسقط الحج عن واجدتيه للملاک، لان هذه العوارض انما تعرض لفعلية الوجوب دون الملاک، وذلک لما مر في مباحث قاعدتي الضرر والحرج بانهما انما يرفعان الحکم في المرتبة المستلزمة للضرر لا مطلقاً وما يستلزم الضرر مرتبة الفعلية الموجبة للالزام الفعلي واما مرتبة الملاک فلا وجه لرفعها بدليل الضرر او الحرج.
ولذا لو اقدم علی الضرر او الحرج او ترک الواجب او ارتکاب الحرام عصی وان وجوب الحج لا يتصف بالفعلية له ولکنه لا ينافي اجزاء ما اتی به عن حجة الاسلام، لانه اتی بالطبيعة المامور بها وقد التزم بذلک صاحب العروة وغيره.
وظهر منه ما مرّ منا من ان صاحب العروة في هذا المقام کان في صدد التفكيک بين الوجوب والاجزاء وان الاجزاء ليس معلولاً دائماً لوجوب الحج فعلاً بمعنی وصول الحکم الی مرتبة الفعلية، وقد التزم ببعض مواردها جمع من الاعلام، بل في کثيرها. والتزمهم بان في مقام التزاحم يسقط المهم عن الفعلية بحصول الفعلية للاهم مع حفظ ملاکه، ولذا لو اتی بالمهم تم وصح وان عصی بترک الاهم.
الثانیي:
قد مرّ ان الالتزام بالتفکیيکك بیين الوجوب والاجزاء قد وقع منهم فیي موارد:
منها:
ما مرّ فیي موارد التزاحم من سقوط الامر بالمهم عن فعلیية، وصحة الاتیيان به مع تحقق العصیيان فیي جمیيع ابواب الفقه.
ومنها:
ما لو فقد بعض شرائط الوجوب فیي اثناء الفعل المامور به مثل ما اذا فقدت الاستطاعة بعد الاحرام بسرقة امواله وامثاله، ففیي کلماتهم الالتزام بإاجزاء حجه ه عن حجة الاسلام لو اتمه مع ان المفروض شرطیية الاستطاعة فیي الحج والمراد شرطیيتها الی تمام الاعمال حتی العود.
قال صاحب المدارکك:
«فوات الاستطاعة- بعد الفراغ من أفعال الحج- لم يؤثر في سقوطه قطعاً،(ای سقوط الحج عن الذمة) و إلا لوجب إعادة الحج مع تلف المال في الرجوع، أو حصول المرض الذي يشق السفر معه، و هو معلوم البطلان ..». و قريب منه ما في الذخيرة.
و افاد السید الحکیم فی ذیل هذا القول :
«لكن في الجواهر: قد يمنع معلومية بطلانه، بناء على اعتبار الاستطاعة ذهاباً و إياباً في الوجوب ..».
و هو في محله بالنظر إلى القواعد المتقدمة، فإن ما يحتاج إليه في الإياب إذا كان دخيلًا في حصول الاستطاعة، يكون فقده موجباً لانتفائها من أول الأمر. فالإجزاء لا بد أن يكون من قبيل إجزاء غير الواجب عن الواجب، و هو محتاج إلى دليل يوجب الخروج عن القواعد.