بسم الله الرحمن الرحیم
جزوه يك
فصل في الاستصحاب
قال فی الکفایۀ:
«فصل في الاستصحاب و في حجيته إثباتا و نفيا أقوال للأصحاب.
و لا يخفى أن عبارتهم في تعريفه و إن كانت شتى إلا أنها تشير إلى مفهوم واحد و معنى فارد و هو الحكم ببقاء حكم أو موضوع ذي حكم شك في بقائه.
إما من جهة بناء العقلاء على ذلك في أحكامهم العرفية مطلقا أو في الجملة تعبدا أو للظن به الناشئ عن ملاحظة ثبوته سابقا.
و إما من جهة دلالة النص أو دعوى الإجماع عليه كذلك حسب ما تأتي الإشارة إلى ذلك مفصلا.
و لا يخفى أن هذا المعنى هو القابل لأن يقع فيه النزاع و الخلاف في نفيه و إثباته مطلقا أو في الجملة و في وجه ثبوته على أقوال.
ضرورة أنه لو كان الاستصحاب هو نفس بناء العقلاء على البقاء أو الظن به الناشئ مع العلم بثبوته لما تقابل فيه الأقوال و لما كان النفي و الإثبات واردين على مورد واحد بل موردين و تعريفه بما ينطبق على بعضها و إن كان ربما يوهم أن لا يكون هو الحكم بالبقاء بل ذاك الوجه إلا أنه حيث لم يكن بحد و لا برسم بل من قبيل شرح الاسم كما هو الحال في التعريفات غالبا لم يكن له دلالة على أنه نفسالوجه بل للإشارة إليه من هذا الوجه و لذا لا وقع للإشكال على ما ذكر في تعريفه بعدم الطرد أو العكس فإنه لم يكن به إذا لم يكن بالحد أو الرسم بأس.
فانقدح أن ذكر تعريفات القوم له و ما ذكر فيها من الإشكال بلا حاصل و طول بلا طائل».[1]
وحاصل ما افاده صاحب الکفایۀ ( 1 ) فی المقام امور:
الاول:
انه ( 1 ) افاد بأن تعریف مثل الاستصحاب لا یمکن بالحد ولا بالرسم، بل المهم فیه بیان حقیقته ومفهمومه الذی یکون موضوعاً للآثار الشرعیة، و معرضاً للنفی والاثبات فی مقام البحث، وکل ما قيل فیه بعنوان التعریف جهات مختلفۀ مشیرۀ الی مفهوم وحدانی، وهذا المفهوم عنده عبارۀ عن « الحکم ببقاء حکم او موضوع ذی حکم شک في بقائه»
وهذا البیان ناظر الی ما افاده الشیخ فی الرسائل من تعریف الاستصحاب بأنه (ابقاء ما کان) وعبر عنه بالتعریف الاسد و الاخصر.
ونظر صاحب الکفایۀ الی ان هذا التعریف لمفهوم الاستصحاب غیر تام، ونبّه علی وجه فی حاشیته علی الرسائل وسیأتی بیانه، ولذا عدل عنه بما مر منه فی الکفایة، وقال: بأن هذا التعریف هو المفهوم القابل للنزاع والخلاف بحسب الاقوال فی المسئلة، وکذا بحسب مبانی حجیۀ الاستصحاب عند القوم.
اما بحسب الاقوال، فلأن النزاع فی المقام انما یرجع الی اثبات الحکم ببقاء حکم او موضوع ذی حکم شک فی بقائه او نفیه اما مطلقا او فی الجملۀ، کما ستعرف عند بیان الاقوال، فالتعریف جامع للمفهوم الموضوع للبحث عند الاعلام.
وأما بحسب مبانی حجیته: فالتعریف المذکور جامع لمفهوم الاستصحاب بحسب جمیع المبانی، لأن الاعلام انما بنوا علی اعتبار الاستصحاب:
تارۀ: من باب الأخبار الواردۀ فی المقام.
وتارة: من جهۀ بناء العقلاء وسیرتهم علی الابقاء المذکور فی امورهم العرفیة مطلقا او فی الجملۀ.
وتارۀ: من باب الظن بالبقاء عند ملاحظۀ الحالۀ السابقۀ بالادراک العقلی.
وتارۀ: من جهۀ قیام الاجماع علی الحکم بالبقاء.
وعلی جمیع هذه المبانی کان مدار البحث علی الحکم الناشیء عن النص او البناء او الادراک الظنی بالبقاء. ای بقاء الحالة السابقۀ.
وصرح صاحب الکفایۀ ( 1 ) بأن المفهوم الذی صوره للاستصحاب فی تعریفه هو القابل لأن یکون محل النزاع والبحث بحسب المبانی المختلفة فی حجیته، والاقوال المختلفۀ فیها دون غیره من التعاریف.
[1] . الآخوند الخراساني، كفاية الأصول ( طبع آل البيت )، ص 384و 385.