بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه سي و هشت
قال صاحب العروة:
مسألة 44:
«الظاهر أن ثمن الهدي على الباذل وأما الكفارات فإن أتى بموجبها عمدا اختيارا فعليه وإن أتى بها اضطرارا أو مع الجهل أو النسيان فيما لا فرق فيه بين العمد وغيره ففي كونه عليه أو على الباذل وجهان .»[1]
وفيها فرعان :
الاول: ان ثمن الهدي على الباذل.
قال السيد الحكيم في المستمسك في ذيل قول صاحب العروة: «الظاهر ان ثمن الهدي على الباذل»:
« لأنه جزء من الواجب ، فيشمله البذل .
هذا إذا كان البذل واجبا بنذر ونحوه ، لانصرافه إلى الفرد الاختياري . أما إذا كان واجبا بقاعدة أخرى - كالغرور ، أو التسبيب - فوجوبه على الباذل غير ظاهر ، لأنه واجب عند القدرة ، وبامتناع الباذل تنتفي القدرة فينتقل إلى بدله .
نعم لو كان المبذول له متمكنا من الهدي فاشتراه فذبحه أمكن رجوعه على الباذل بالثمن ، لقاعدة الغرور .
وهكذا الكلام في كل ما له بدل ، فإنه لا يجب عليه بذله .
بل لو بذل له من أول الأمر مالا يفي بالواجب الاختياري وجب عليه الحج وأجزأ عن حج الاسلام .»[2]
وكذا لو كان المكلف مالكا لمال لا يفي بالواجب الاختياري ، ولكن يفي بالواجب الاضطراري ، كان مستطيعا بالاستطاعة الملكية ، ووجب عليه الحج ، وأجزاه عن حج الاسلام .»[3]
وافاد السيد الخوئي (قدس سره):
«... انما الكلام في ثمن الهدي، وان عرض الحج هل يقتضي ذلك ليكون على الباذل ام لا؟
وينبغي التكلم قبل ذلك في ان الباذل لو خص بذله بغير الهدي فصرح حين البذل بان مصارف حجك على ما عدا ثمن الهدي، فهل هذا المقدار يحقق الاستطاعة البذلية ليجب الحج على المبذول له، فينتقل عندئذ في الهدي الى بدله المقرر في ظرف العجز عنه وهو الصيام ام لا؟
الظاهر، العدم الا في الاستطاعة الملفقة من البذلية والمالية دون المتمحضة في البذلية، لظهور نصوص العرض في عرض الحج بتمامه وكماله المقرر في ظرف الاختيار الذي جزؤه الهدي، فبذل ما عداه لا يعد من عرض الحج في شئٍ، بل الحال كذلك في الاستطاعة المالية ايضاً، فلو كان واجداً ومالكاً لمصارف حجه ما عدا ثمن الهدي، سيما في مثل هذه الايام التي ترقت القيمة فيها ترقياً فاحشاً لم يكن مستطيعاً ولم يجب عليه الحج.
وعليه:
فثمن الهدي في عهدة الباذل وحينئذٍ فلو رجع عن بذله الثمن بعد الاحرام الذي هو جائز في حقه كما تقدم، فالمبذول له متمكن من الاتمام اما بالشراء من كيسه او بالاستقراض، والا بالانتقال الى البدل من الصيام في الحج او في بلده على النهج المقرر في محله، وعلى اي حال فهو متمكن من الاتمام وليس هذا كرجوع الباذل عن الزاد والراحلة الكاشف عن عدم الاستطاعة بقاءً المستلزم لعدم انعقاد احرامه.
لما مرَّ من انه اذا احرم بنية حجة الاسلام حسب الفرض ولم يتمكن من اتمامه. والاتمام بنية الندب وان امكن الا انه لم ينوه، ولا دليل على العدول اليه، ولذا التزمنا هناك بالبطلان. واما في المقام فهو متمكن من اتمام احرامه على النحو الذي عقده، غايته انه يتبع في الهدي وظيفته الفعلية من الشراء ان امكن، والا فينتقل الى البدل وهو الصيام حسب المقرر.
نعم، لو اشترى الهدي يرجع بقيمته الى الباذل، اذ هو وان ساغ له الرجوع عن بذله الهدي بمقتضى قاعدة السلطنة او كون الهبة جائزة ـ لو كان قد وهب ـ الا ان الهدي من لوازم الحج، فالامر به امر بلازمه، وقد عرفت انه موجب للضمان في اللازم كالملزوم بالسيرة العقلائية، فللمبذول له الرجوع الى الباذل فيما صرفه في سبيل تحصيل الهدي حسبما عرفت»[4]
وحاصل ما افاده (قدس سره)
انه (قدس سره) وافق السيد الحكيم في كون ثمن الهدي علي الباذل بمقتضي البذل.
وافاد (قدس سره) بانه لو عرض له مؤونة الحج غير ثمن الهدي، فانه لا تحقق الاستطاعة البذليه في حق المبذول له.
كما هو الحال في الاستطاعة المالية، فانه لو كان متمكناً من مؤونة الحج غير ثمن الهدي لا تحقق له الاستطاعة الماليۀ.
هذا بحسب اصل المسألة.
واما اذا رجع الباذل بعد البذل عن ثمن الهدي، فافاد السيد الخوئي بان مع رجوع لا تنتفي الاستطاعة الحاصلة بالبذل، لانه يتمكن من الاتمام بالشراء من كيسه او بالاستقراض ومع عدمهما بالانتقال الي البدل وهو الصيام في الحج او في بلده ... .
وليس ذلك من قبيل رجوع الباذل عن بذل الزاد و الراحلة.
ثم انه في فرض رجوع الباذل عن بذله اذا اشتري المبذول له الهدي لاتمام حجه، له الرجوع الي الباذل بثمنه، لان الهدي من لوازم الحج والاذن بالحج والامر به اذن امر بلازمه وهو يوجب الضمان.
وافاد السيد الحكيم بان ثمن الهدي يكون علي الباذل بمقتضي البذل لانصرافه الي الفرد الاختياري.
واما اذا كان دفع الثمن واجباً عليه بمقتضي قاعدة الغرور او التسبيب فأفاد بان وجوبه علي الباذل غير ظاهر.
وذلك، لان دفع ثمن الهدی واجب عند القدرة وبامتناع الباذل لا محاله تنتفي القدرة فينتقل الي بدله.
وان كان افاد بانه لو اشتراه المبذول له من ماله وذبحه، امكن رجوعه علي الباذل لقاعدة الغرور.
ثم انهما (قدس سرهما) التزما بعدم وجوب دفع ثمن الهدي في صورة تحقق التمكن للمبذول له بالتلفيق من البذل ومن ماله.
كما ان السيد الحكيم التزم في الاستطاعة الماليۀ بانه لو كان مالكاً لمال لا يفي بالواجب الاختياري ولكنه يفي بالواجب الاضطراري كان مستطيعاً ووجب عليه الحج واجزأه عن حجة الاسلام ولكن السيد الخوئي (قدس سره) التزم بعدم تحقق الاستطاعة الماليۀ في هذه الصورة.
[1] . العروة الوثقي (المحشي)، ج4، ص 405.
[2] . السيد محسن الحكيم، مستمسك العروة الوثقي، ج10، ص136-147.
[3] . السيد محسن الحكيم، مستمسك العروة، ج10، ص147.
[4] . الشيخ مرتضي البروجردي، مستند العروة الوثقي تقرير البحث السيد الخوئي، كتاب الحج، ج1، ص187-188.