بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه صد و چهار
وافاد الشیخ (قدس سره) فی الرسائل:
«الرابع:
أن الثابت في كل من المشتبهين - لأجل العلم الإجمالي بوجود الحرام الواقعي فيهما - هو وجوب الاجتناب، لأنه اللازم من باب المقدمة من التكليف بالاجتناب عن الحرام الواقعي.
أما سائر الآثار الشرعية المترتبة على ذلك الحرام فلا تترتب عليهما، لعدم جريان باب المقدمة فيها، فيرجع فيها إلى الأصول الجارية في كل من المشتبهين بالخصوص، فارتكاب أحد المشتبهين لا يوجب حد الخمر على المرتكب، بل يجري أصالة عدم موجب الحد ووجوبه.
وهل يحكم بتنجس ملاقيه ؟
وجهان، بل قولان مبنيان على أن تنجس الملاقي إنما جاء من وجوب الاجتناب عن ذلك النجس، بناء على أن الاجتناب عن النجس يراد به ما يعم الاجتناب عن ملاقيه ولو بوسائط.
ولذا استدل السيد أبو المكارم في الغنية على تنجس الماء القليل بملاقاة النجاسة، بما دل على وجوب هجر النجاسات في قوله تعالى: (والرجز فاهجر)، ويدل عليه أيضا ما في بعض الأخبار:
من استدلاله (عليه السلام) على حرمة الطعام الذي مات فيه فأرة ب: " أن الله سبحانه حرم الميتة "، فإذا حكم الشارع بوجوب هجر كل واحد من المشتبهين فقد حكم بوجوب هجر كل ما لاقاه.
وهذا معنى ما استدل به العلامة (قدس سره) في المنتهى على ذلك:
بأن الشارع أعطاهما حكم النجس، وإلا فلم يقل أحد: إن كلا من المشتبهين بحكم النجس في جميع آثاره.
أو أن الاجتناب عن النجس لا يراد به إلا الاجتناب عن العين، وتنجس الملاقي للنجس حكم وضعي سببي يترتب على العنوان الواقعي من النجاسات نظير وجوب الحد للخمر، فإذا شك في ثبوته للملاقي جرى فيه أصل الطهارة وأصل الإباحة.
والأقوى: هو الثاني.
أما أولا: فلما ذكر، وحاصله: منع ما في الغنية، من دلالة وجوب هجر الرجز على وجوب الاجتناب عن ملاقي الرجز إذا لم يكن عليه أثر من ذلك الرجز، فتجنبه حينئذ ليس إلا لمجرد تعبد خاص، فإذا حكم الشارع بوجوب هجر المشتبه في الشبهة المحصورة، فلا يدل على وجوب هجر ما يلاقيه.
نعم، قد يدل بواسطة بعض الأمارات الخارجية، كما استفيد نجاسة البلل المشتبه الخارج قبل الاستبراء من أمر الشارع بالطهارة عقيبه، من جهة استظهار أن الشارع جعل هذا المورد من موارد تقديم الظاهر على الأصل، فحكم بكون الخارج بولا، لا أنه أوجب خصوص الوضوء بخروجه.
وبه يندفع تعجب صاحب الحدائق من حكمهم بعدم النجاسة فيما نحن فيه وحكمهم بها في البلل، مع كون كل منهما مشتبها حكم عليه ببعض أحكام النجاسة.
وأما الرواية:
فهي رواية عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام): " أنه أتاه رجل فقال له (فی التهذیب: أتاه رجل فقال): وقعت فأرة في خابية فيها سمن أو زيت، فما ترى في أكله ؟ فقال أبو جعفر (عليه السلام) (فی التهذیب: قال: فقال أبو جعفر): لا تأكله (فی التهذیب: فقال له الرجل)، فقال الرجل: الفأرة أهون علي من أن أترك طعامي لأجلها، فقال له أبو جعفر (عليه السلام) (فی التهذیب: قال): إنك لم تستخف بالفأرة وإنما استخففت بدينك، إن الله حرم الميتة من كل شئ ".[1]
وجه الدلالة: أنه (عليه السلام) جعل ترك الاجتناب عن الطعام استخفافا بتحريم الميتة، ولولا استلزامه لتحريم ملاقيه لم يكن أكل الطعام استخفافا بتحريم الميتة، فوجوب الاجتناب عن شئ يستلزم وجوب الاجتناب عن ملاقيه.
لكن الرواية ضعيفة سندا.
مع أن الظاهر من الحرمة فيها النجاسة، لأن مجرد التحريم لا يدل على النجاسة فضلا عن تنجس الملاقي، وارتكاب التخصيص في الرواية بإخراج ما عدا النجاسات من المحرمات، كما ترى، فالملازمة بين نجاسة الشئ وتنجس ملاقيه، لا حرمة الشئ وحرمة ملاقيه.
[1]. هذا مارواه الشيخ باسناده عن محمد بن احمد بن يحيي عن محمد بن عيسي اليقطيني عن النضر بن سويدعن عمرو بن شمر عن جابر عن ابي جعفر (عليه السلام).
واسناد الشيخ فيها الي محمد بن احمد بن یحیی صحيح في المشيخة والفهرست. ومحمد بن يحيي ثقة في الحديث حسب ما افاده النجاشي و العلامۀ ومن الطبقة السابعة.
وهو رواه عن محمد بن عيسي بن عبيد اليقطيني، قال النجاشي فيه: «ثقة عين» وكذا العلامۀ. وهو من الطبقة السادسة.
وهو رواه عن النضر بن سويد الصيرفي، وثقه النجاشي، والشيخ في الرجال وكذا العلامۀ وهو من الطبقة السادسة ايضاً.
وهو رواه عن عمرو بن شمر: لا تنصيص علي وثاقته، وافاد النجاشي (قدس سره) «ضعيف جداً. زيد احاديث في كتب جابر الجعفى ينسب بعضها اليه، و الامر ملتبس.»
وافاد العلامۀ بعد نقله: «لا اعتمد علي شئٍ مما يرويه».
لكنه من رجال ابن قولويه في كامل الزيارات، وكذا من رجال علي بن ابراهيم القمي في تفسيره. فيشمله التوثيق العام منهما.
وروي عنه جماعة من اعلام الحديث مثل يونس بن عبدالرحمن. وهو من الطبقة الخامسة.
وهو رواه عن جابر بن يزيد الجعفي، وثقه ابن الغضائري. وروي ابن عقده و العقيقي عن الصادق (عليه السلام): انه كان يصدق علينا. علي ما نقله العلامۀ في الخلاصۀ، وروي الكشي توثيقة بسند صحيح وباسانيد متعدده. جلالة قدره وهو من الطبقة الرابعة.
واشكال في سندها راجع الي عمرو بن شمر.