بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه پنجاه و شش
ويظهر من الشيخ (قدس سره) في الرسالة:
ان المراد من الولي: الاب والجد وافاد:
«و الظاهر إلحاق الوصيّ، بل الحاكم؛ لأنّ الوجه-الحوج إلى الإذن- يحصل بإذنهما، و عمومات الترغيب في الحجّ و الإحجاج موجودة.
و أمّا الامّ فيظهر من صحيحة ابن سنان صحّة إحجاجها لولدها.»[1]
وصاحب العروة (قدس سره) بعد ما صرح بان المراد بالولي على المشهور بين الاصحاب، الاب والجد والوصي لاحدهما والحاكم وامينه او وكيل احد المذكورين،... والام وان لم تكن ولياً شرعياً الا انها تلحق بالمذكورين للنص الخاص فيه.
ولعل مراده ان للام ولاية الاحرام بالطفل وفاقاً للشيخ في المبسوط والخلاف والمحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى والتحرير والمختلف والشهيد في الدروس والمدارك وامثاله اي الاكثر حسب تعبير المدارك.
وخلافاً للمحقق في الشرائع والعلامة في القواعد والسرائر.
وعبّر الشيخ (قدس سره) حسب ما عرفت صحة احجاجها لولدها ولم يعبر بالولاية.
ولكن صاحب العروة (قدس سره) افاد انه لا يبعد كون المراد من الولي في المقام الاعم من المذكورين وممن يتولى امر الصبي ويتكفله، وان لم يكن ولياً شرعياً ودفع ما استند اليه صاحب الجواهر من الاقتصار فيما خالف الاصل على المتيقن مستنداً الى قوله (عليه السلام) قدموا من كان معكم من الصبيان الى الجحفة او الى بطن مر.
ولعل مراده ذلك صحيحة معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) «قال: انظروا من كان معكم من الصبيان فقدموه إلى الجحفة أو إلى بطن مر ويصنع بهم ما يصنع بالمحرم، يطاف بهم ويرمى عنهم،...»[2]
حيث انه حسب تعبيره (عليه السلام) يشمل غير الولي الشرعي ايضاً.
ولعل نظره الشريف الى قوله من كان معكم من الصبيان حيث ان الخطاب لا يثبت ان يكون نحو الولي الشرعي، بل انه مطلق له ولغيره.
وهذا انما يكون في خصوص احرام غير المميز مستنداً الى الصحيحة واما في المميز، فبناء على اعتبار الاذن فان المعتبر هو اذن الولي الشرعي دون غيره.
ووافق صاحب العروة ما التزم في المقام من تعميم المراد بالولي الشرعي وغيره الشيخ (قدس سره) فيما نقل عنه صاحب الجواهر في المدعى. بل في الدليل ايضاً لانه (قدس سره) افاد: ان غير الولي ان تبرع عن الصبي انعقد احرامه، ولعله لاطلاق اكثر الاخبار.
واحتمال الولي – المراد منه الشرعي – فيما تضمنه المتولي لاحرامه واحتماله كاليد الجريان على الغالب او التمثيل.
ووافقه في ذلك السيد الخوئي (قدس سره) قال:
«المشهور على أن استحباب احجاج الصبي مختص بالولي الشرعي، وأما غيره فلا يصح منه إحجاج الصبي، ولا تترتب أحكام الاحرام إذا كان المتصدي لا حرامه غير الولي.
وإنما ألحقوا به خصوص الأم وإن لم تكن وليا شرعيا للنص الخاص فيها، وهو صحيح عبد الله ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال: سمعته يقول: مر رسول الله (صلى الله عليه وآله) برويثة وهو حاج فقامت إليه امرأة ومعها صبي لها.
فقالت: يا رسول الله أيحج عن مثل هذا. قال: نعم ولك أجره.
ولكن الظاهر عدم اختصاص احجاج الصبي بالولي الشرعي، بل يجوز لكل أحد أن يحرم بالصبي، ويحجه إذ لا دليل على حرمة التصرف بالصبي ما لم يستلزم التصرف تصرفا ماليا.
وبالجملة أن رجع التصرف بالصبي إلى التصرف في أمواله فيحتاج إلى إذن الولي.
وأما إذا لم يستلزم التصرف فيه تصرفا في ماله فلا دليل على توقف جوازه على إذن الولي، وعليه يجوز إحجاج الصبي لكل من يتولى أمر الصبي ويتكفله وإن لم يكن وليا شرعيا، بل كان من الأجانب.
ويشهد لذلك أيضا إطلاق بعض الروايات كصحيحة معاوية بن عمار (انظروا من كان منكم من الصبيان فقدموه إلى الجحفة).
واطلاق ذلك يشمل الصبيان سواء كانوا مع أوليائهم أم لا.[3]
وما افاده (قدس سره) موافق لما نقله صاحب الجواهر عن الشيخ وكذا ما اختاره النراقي في المستند والتزم به صاحب العروة في المتن واستدل له بين ما افاده في المستند. قال النراقي (قدس سره):
«لأن قوله: (من كان معكم من الصبيان) أعم ممن كان مع وليه أو غيره، وكذا لا اختصاص في الأمر بقوله: (قدموا) و (فجردوه) و (لبوا عنه) وغير ذلك، فإن ثبت الاجماع فيه فهو، وإلا فالظاهر جوازه لكل من يتكفل طفلا،...»[4]
وصرح صاحب العروة (قدس سره):
«... ولكن لا يبعد كون المراد الأعم منهم وممن يتولى أمر الصبي ويتكفله وإن لم يكن وليا شرعيا، لقوله (عليه السلام) " قدموا من كان معكم من الصبيان إلى الجحفة أو إلى بطن مر " الخ فإنه يشمل غير الولي الشرعي أيضا.»[5]
والقول بالتعميم اي تعميم عنوان الولي الى من يتكفله ولو كان غير الولي الشرعي مستنده في الكلمات:
اطلاق اكثر الاخبار في كلام الشيخ حسب نقل صاحب الجواهر: «ولعله لاطلاق اكثر الاخبار، واحتمال الولي فيما تضمنته المتولي لاحرامه و احتماله كابيه، الجريان على الغالب او التمثيل.»[6]
دلالة قوله (عليه السلام): «من كان معكم من الصبيان» على التعميم. في صحيحة عبدالله بن سنان كما مر في كلام النراقي في المستند. وتبعه في ذلك صاحب العروة.
ومرّ ايضاً فيه: وكذا انه لا اختصاص في الامر بقوله: «قدّموا، فجردوه ولبو عنه» وغير ذلك... وظاهر عدم الاختصاص في الامر، اطلاق الاوامر المذكورة بالنسبة الى مباشرة الولي وغيره نظير ما مر في كلام الشيخ بقوله: «ولاطلاق اكثر الاخبار».
وزاد السيد الخوئي (قدس سره) وجهاً اخر، وهو عدم الدليل على حرمة التصرف بالصبي ما لم يستلزم التصرف تصرفاً مالياً. ومعه لجاز لكل احد ان يحرم بالصبي ويحجه.
نعم لو كان التصرف فيه مستلزماً لتصرف مالي فهو يحتاج الى اذن الولي الشرعي.
وقرر (قدس سره) الشاهد: اطلاق بعض الروايات كصحيحة معاوية بن عمار «انظروا من كان منكم من الصبيان فقدّموه الى الجحفة» واطلاق ذلك يشمل الصبيان سواء كانوا مع اوليائهم ام لا.
والمراد باطلاق الاخبار او اطلاق اكثرها على ما عرفت في الكلمات.
اما اطلاق قوله فجردوه في صحيحة عبدالرحمن بن الحجاج عن ابي عبدالله (عليه السلام) وهي ما رواه الكليني عن ابي علي الاشعري عن محمد بن عبدالجبار عن صفوان عن عبدالرحمن بن الحجاج عن ابي عبدالله في حديث:
قال: قلت له: إن معنا صبيا مولودا، فكيف نصنع به ؟
فقال: مر أمه تلقى حميدة فتسألها: كيف تصنع بصبيانها ؟ فأتتها فسألتها، كيف تصنع ؟
فقالت: إذا كان يوم التروية فاحرموا عنه وجردوه وغسلوه كما يجرد المحرم، وقفوا به المواقف، فإذا كان يوم النحر فارموا عنه واحلقوا رأسه، ثم زوروا به البيت،
ومري الجارية أن تطوف به بالبيت وبين الصفا والمروة.
ورواه الشيخ باسناده عن موسى بن القاسم عن صفوان بن يحيى مثله.[7]
والرواية صحيحة بكلا طريقيه ومورد الاستناد من اطلاقها، الاوامر الواردة فيه مثل فاحرموا وجردوه وغَسّلوه قفوا به فارموا عنه بتقريب ان مقتضى الاطلاق فيها عدم الاختصاص بالولي، بل انها باطلاقها تشمل الولي وغيره
ويمكن ان يقال:
فان الامر فيها السيدة حميدة زوجة الامام والمأمور هي ام الصبي المولود حيث امر الامام زوجه بان يامر زوجته بالسؤال عن السيدة حميدة
وقد مر ان الام بمقتضى صحيحة عبدالرحمن بن سنان اما ان تكون لها الولاية على احرام الصبي او جاز لها ذلك. وهذا حسب الرواية خاص بالام ولذا استدلوا بها لاثبات الولاية الخاصة في مورد احجاج الصبي للأم.
واذا كان المامور بقرينة قوله: «فاتتها فسالتها كيف تصنع؟» هو الامام فما وجه انتقاد الاطلاق في هذه الاوامر لغير الولي او من اجاز له ذلك.
وصدور الامر بصيغة الجمع كان متداولاً في مقام الجواب عن هذه الاسئلة مع انه يمكن ان يكون مع الام المذكورة نساءً اُخر كُنّ يبتلين بعين الابتلاء. واما اطلاق قوله (عليه السلام): «لبوا عنه» في صحيحة زرارة عن احدهما.
قال (عليه السلام): إذا حج الرجل بابنه وهو صغير فإنه يأمره أن يلبي ويفرض الحج، فإن لم يحسن أن يلبي لبوا عنه ويطاف به ويصلى عنه.
قلت: ليس لهم ما يذبحون.
قال: يذبح عن الصغار، ويصوم الكبار، ويتقى عليهم ما يتقى على المحرم من الثياب والطيب، وإن قتل صيدا فعلى أبيه.[8]
فان صريح الامام اذا حج الرجل بابنه وهو صغير...
وجميع الامثال مثل يامره ان يلبي... وهكذا يرجع الى الاب وايضاً في ذيل رواية: «وان قتل صيداً فعلى ابيه.» فان موضوع فيه ما اذا حج الرجل بابنه فان قتل صيداً.
ومع التصريح بان الامر انما يتوجه الى الاب، وهو القدر المتقين من الولي الشرعي فهل ينعقد في هذه الاوامر اطلاق بالنسبة الى غير الولي؟.
[1]. الشيخ الانصاري، كتاب الحج، ص20.
[2]. وسائل الشيعة (آل البيت)، ج11، الباب 17 من أبواب اقسام الحج، ص287، الحديث 14819/3.
[3]. السيد الخوئي، كتاب الحج، ج1، ص36.
[4]. المحقق النراقي، مستند الشيعة، ج11، ص19.
[5]. العروة الوثقي (المحشي)، ج4، ص 348-349.
[6]. الشيخ محمد حسن النجفي، الجواهر الكلام، ج17، ص238-239.
[7]. وسائل الشيعة (آل البيت)، ج11، الباب 17 من أبواب اقسام الحج، ص286، الحديث 14817/1.
[8]. وسائل الشيعة (آل البيت)، ج11، الباب 17 من أبواب اقسام الحج، ص288، الحديث 14821/5.