بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه چهل و یکم
2 ـ ما افاده صاحب الكفاية في كفايته في بحث الخبر الواحد. قال قدس سره
هناك:
«ثانيهما ـ اي الثاني من وجوه الاجماع ـ:
ثانيها : دعوى اتفاق العلماء عملا - بل كافة المسلمين - على العمل بخبر الواحد في أمورهم الشرعية ، كما يظهر من أخذ فتاوى المجتهدين من الناقلين لها .
وفيه :
مضافا إلى ما عرفت مما يرد على الوجه الأول ، أنه لو سلم اتفاقهم على ذلك ، لم يحرز أنهم اتفقوا بما هم مسلمون ومتدينون بهذا الدين ، أو بما هم عقلاء ولو لم يلتزموا بدين ، كما هو لا يزالون يعملون بها في غير الأمور الدينية من الأمور العادية ، فيرجع إلى ثالث الوجوه ، وهو دعوى استقرار سيرة العقلاء من ذوي الأديان وغيرهم على العمل بخبر الثقة ، واستمرت إلى زماننا ، ولم يردع عنه نبي ولا وصي نبي ، ضرورة أنه لو كان لاشتهر وبان ، ومن الواضح أنه يكشف عن رضى الشارع به في الشرعيات أيضا . إن قلت : يكفي في الردع الآيات الناهية ، والروايات المانعة عن اتباع غير العلم ، وناهيك قوله تعالى : ( ولا تقف ما ليس لك به علم )، وقوله تعالى : ( وإن الظن لا يغني من الحق شيئا).
قلت:
لا يكاد يكفي تلك الآيات في ذلك ، فإنه - مضافا إلى أنها وردت إرشادا إلى عدم كفاية الظن في أصول الدين ، ولو سلم فإنما المتيقن لولا أنه المنصرف إليه إطلاقها هو خصوص الظن الذي لم يقم على اعتباره حجة - لا يكاد يكون الردع بها إلا على وجه دائر ، وذلك لان الردع بها يتوقف على عدم تخصيص عمومها ، أو تقييد إطلاقها بالسيرة على اعتبار خبر الثقة ، وهو يتوقف على الردع عنها بها ، وإلا لكانت مخصصة أو مقيدة لها ، كما لا يخفى . لا يقال : على هذا لا يكون اعتبار خبر الثقة بالسيرة أيضا ، إلا على وجه دائر ، فإن اعتباره بها فعلا يتوقف على عدم الردع بها عنها، وهو يتوقف على تخصيصها بها ، وهو يتوقف على عدم الردع بها عنها.
فإنه يقال : إنما يكفي في حجيته بها عدم ثبوت الردع عنها ، لعدم نهوض ما يصلح لردعها ، كما يكفي في تخصيصها لها ذلك ، كما لا يخفى ، ضرورة أن ما جرت عليه السيرة المستمرة في مقام الإطاعة والمعصية ، وفي استحقاق العقوبة بالمخالفة ، وعدم استحقاقها مع الموافقة ، ولو في صورة المخالفة عن الواقع، يكون عقلا في الشرع متبعا ما لم ينهض دليل على المنع عن اتباعه في الشرعيات ، فافهم وتأمل.
ومحصل ما افاده (قدس سره) في هذا المقام:
1 ـ ارجاع الوجه الثاني من وجوه الاجماع، وهو دعوي اتفاق العلماء عملاً، بل كافة المسلمين علي العمل بخبر الواحد الي السيرة العقلائية.
2 ـ ان الآيات الناهيةعن العمل بغير العلم والروايات الواردة بلسانها لا تصلح للرادعية.
وذلك أولا:
لأن الآيات والروايات المذكورة وردت ارشاداً الي عدم كفاية الظن في اصول الدين.
وثانياً:
ان مع التسلم، فإن المتيقن من اطلاقها لو لا المنصرف اليه منه خصوص الظن الذي لم يقم علي اعتبارة حجة.
وثالثاً:
ان رادعية الآيات الناهية عن السيرة العقلائية تستلزم الدور.
وذلك:
لأن رادعية عموم الآيات تتوقف علي حجية عمومها، لأن العموم فيها لو لم يكونا حجة لم تكن الآيات رادعة.
وحجية العموم فيها تتوقف علي عدم كون السيرة العقلائية التي هي اخص من عموم الآيات مخصصة له.
ضرورة انها لو كانت مخصصة له لم يبق للآيات عموم حتي تصير بعمومها حجة رادعة للسيرة.
وعدم مخصصية السيرة لها يتوقف علي رادعية الآيات بعمومها للسيرة.
وبالجملة:
ان رادعية هذه الآيات للسيرة متوقفة علي تمامية عمومها، وتمامية عمومها تتوقف علي عدم مخصصية السيرة لها، وعدم مخصصية السيرة لها يتوقف علي رادعية الآيات لها وهو دور واضح.
ثم ان صاحب الكفاية (قدس سره) اورد علي نفسه:
انه لو كانت رادعية الآيات عن السيرة تستلزم الدور بالتقريب المتقدم، فإن لازمه عدم اعتبار خبر الثقة، وذلك:
لأن استلزام الدور يمنع عن حجية السيرة، لأنه لا يحرز معه حجية السيرة، ومع عدم ثبوت حجيتها كيف يمكن جعلها دليلاً علي اعتبار خبر الثقة.
وأجاب (قدس سره) عن الاشكال:
بأن اعتبار السيرة وحجيتها لا يتوقف علي ثبوت عدم الردع من ناحية الايات، بل ان ما نحتاج اليه في اعتبارها عدم ثبوت الردع، وفرق بين ثبوت عدم الردع، وعدم ثبوت الردع، وما يمنع عنه محذور الدور هو الاول، اي ثبوت عدم الردع، وأما عدم ثبوت الردع فإنما يثبت بعدم ثبوت رادعية الآيات بأي وجه، وإن كان محذور الدور.
وهذا جار في جميع موارد قيام السيرة العقلائية، كما في جريان سيرتهم في مقام الاطاعة والمعصية، فإن السيرة متبعة مادام لم يرد من الشرع دليل علي اتباعه.
3 ـ ما افاده صاحب الكفاية في حاشية الكفاية في مبحث خبر الواحد في بيان قوله: فافهم وتأمل:
قال (قدس سره):
«قولنا فافهم وتأمل:
اشارة الي كون خبر الثقة متبعاً، ولو قيل بسقوط كل من السيرة والاطلاق عن الاعتبار بسبب دوران الأمر بين ردعها به وتقييده بها، وذلك: لأجل استصحاب حجيته الثابتة قبل نزول الآيتين.
فإن قلت:
لا مجال لاحتمال التقييد بها، فإن دليل اعتبارها مغيّي بعدم الردع عنها، ومعه لا تكون صالحة لتقييد الاطلاق، مع صلاحيته للردع عنها كما لا يخفي.
قلت:
الدليل ليس الا امضاء الشارع لها ورضاه بها، المستكشف بعدم ردعه عنها في زمان مع امكانه، وهو غير مغيّي.
نعم:
يمكن ان يكون له واقعاً وفي علمه تعالي أمد خاص كحكمه الابتدائي، حيث انه ربما يكون له امد فينسخ، فالردع في الحكم الامضائي ليس الا كالنسخ في الابتدائي، وذلك غير كونه بحسب الدليل مغيّي كما لا يخفي.