بسم الله الرحمن الرحیم
جلسه سی و ششم
اما الرواية الثالثة، وهي قوله (ع) كل شيء حلال حتي تعرف انه حرام في نقل العلمين.
والأقرب بها من حيث المضمون ما رواه البرقي في المحاسن عن احمد بن محمد الكوفي عن محمد بن احمد النهدي عن محمد بن الوليد عن ابان بن عبدالرحمن عن عبدالله بن سليمان عن ابي عبدالله (ع) في الجبن.
قال: كل شئٍ لك حلال حتي يجيئك شاهدان يشهدان ان فيه الميتة.
وظاهرها الاختصاص بالشبهة الموضوعية.
اما جهة السند فيها:
فرواه البرقي في المحاسن، والبرقي هو احمد بن محمد بن خالد البرقي.
قال النجاشي:
«... كان ثقة في نفسه، يروي عن الضعفاء، واعتمد المراسيل، وصنف كتباً منها: المحاسن و... .»[1]
وقال الشيخ في الفهرست بما يقرب من عبارة النجاشي[2].
وعده في رجاله من اصحاب الجواد والهادي عليهما السلام.
وقال العلامة في الخلاصة:
«احمد بن محمد بن خالد بن عبد الرحمان بن محمد بن علي البرقي ، منسوب إلى برقة قم ، أبو جعفر ، كوفي ، ثقة غير أنه كثير الرواية عن الضعفاء واعتمد المراسيل .
قال ابن الغضائري : طعن عليه القميون ، وليس الطعن فيه وانما الطعن فيمن يروي عنه ، فإنه كان لا يبالي عمن يأخذ - على طريقة أهل الأخبار - ، وكان أحمد بن محمد بن عيسى أبعده عن قم ثم اعاده إليها واعتذر إليه . وقال : وجدت كتابا فيه وساطة بين أحمد بن محمد بن عيسى وأحمد ابن محمد بن خالد ، ولما توفي مشى أحمد بن محمد بن عيسى في جنازته حافيا حاسرا ليبرئ نفسه مما قذفه به . وعندي ان روايته مقبولة» [3].
ووثقه ابن داود في رجاله، والعلامة المجلسي في الوجيزة[4].
وهو من الطبقة السابعة.
وهو رواه عن احمد بن محمد الكوفي.
ففي رجال الاسترآبادي انه اخو كامل بن محمد ومن اصحاب الكاظم (ع)، ولا توثيق له في كتب الرجال ولا مدحه.
وهو رواه عن محمد بن احمد النهدي.
ولا توثيق له في كتب الرجال، والظاهر كونه مردد من الطبقة السابعة او السادسة.
وهو رواه عن محمد بن الوليد.
انه محمد بن الوليد الصيرفي.
ضعفه العلامة وابو داود وابن الغضائري.
وهو رواه عن ابان بن عبدالرحمن ابوعبدالله البصري.
ولا توثيق له في الكتب و الظاهر هو من الطبقة السادسة.
وهو رواه عن عبدالله بن سليمان.
والظاهر انه عبدالله بن سليمان العامري الكوفي.
ولا توثيق له. وهو من الطبقة الخامسة.
وبما ان احمد بن محمد بن خالد البرقي من الطبقة السابعة فلعل كل الوسائط بينه وبين عبدالله بن سليمان من الطبقة السادسة.
فالرواية غير معتبرة.
مضافاً الي ما مر من ورودها مورد الجبن والشبهة الموضوعية بقرينة قوله (ع) في الغاية حتي يجيئك شاهدان يشهدان ان فيه الميتة.
وبما انها اقرب الاخبار بمضمون ما استند به العلمان اي كل شيء حلال حتي تعرف انه حرام، فمع تمامية السند فيها لكانت من مستندات قاعدة الحلية.
وأما باقي الروايات التي تقرب هذا المضمون.
مثل قوله (ع): كل ما فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتي تعرف الحرام بعينه، في رواية عبدالله بن سليمان عن ابي جعفر (ع).
وقوله (ع): كل شئ فيه الحلال والحرام فهو لك حلال حتي تعرف الحرام فتدعه بعينه في مرسلة معاوية بن عمار.
وقوله (ع): كل شئ فيه حلال وحرام فهو لك حلال ابداً حتي تعرف منه الحرام بعينه. في صحيحة عبدالله بن سنان.
فهي صريحة في الشبهة الموضوعية، ولا دلالة لها علي الاستصحاب بوجه لتكفها لحكم الشبهة بقرينة كل شيء فيه حلال وحرام، فإنه يعلم حكم الشيء بعنوانه الا انه لا يعلم كونه من قسم الحلال او الحرام كما في الجبن، فإنه موضوع ربما يؤخذ من الميتة فيصر حراماً.
قال صاحب الكفاية قدس سره:
«.. ثم انك اذا حققت ما تلونا عليك مما هو مفاد الاخبار ، فلا حاجة في إطالة الكلام في بيان سائر الأقوال ، والنقض والابرام فيما ذكر لها من الاستدلال .
ولا بأس بصرفه إلى تحقيق حال الوضع ، وأنه حكم مستقل بالجعل كالتكليف ، أو منتزع عنه وتابع له في الجعل ، أو فيه تفصيل .
حتى يظهر حال ما ذكر ها هنا بين التكليف والوضع من التفصيل».
[1] النجاشي، رجال النجاشي، ص76.
[2] الشيخ الطوسي، الفهرست، ص62.
[3] العلامة الحلي، خلاصة الأقوال، ص63.
[4] ابن داود الحلي، رجال ابن داود، ص40، العلامة المجلسي، الوجيزة، ص144.