بسم الله الرحمن الرحیم
جلسه چهل و دوم
ثم قرر المحقق النائینی (قدس سره):
و اورد علی الوجه الثانی:
ان للتکلیف مقامین:
1- مقام المصلحة و الغرض.
2- مقام الجعل و الاعتبار.
و من الواضح ان دخالة السبب فی المصلحة تکوینیة لا جعلیة اذ المصلحة من الامور التکوينیة الخارجة عن دائرة الجعل.
و اما مقام الجعل و الاعتبار، فصیرورة الشیء سبباً للتکلیف انما هو بید الشارع، فإذا اخذه فی موضوع الحکم انتزع عنه عنوان السببیة و الا لم یکن سبباً للتکلیف و ان کان سبباً للمصلحة.
و من الواضح: ان محل الکلام هو سببیة الشیء للتکلیف لا للمصحلة و هی لا محالة منتزعة عن کیفیة الجعل و مقام التشریع.
و مرجع کلتا المناقشتین: ان استدلال المحقق الخراسانی رحمه الله فی کلا الوجهین مبنی علی الخلط.
ففی الوجه الاول: خلط بین عنوان السببیة و ذات السبب، و فی الثانی خلط بین مقام المصلحة و مقام الجعل و التشریع.
و هذا ما افاده المحقق النائینی فی فوائد الاصول.
و افاد السید الاستاذ قدس سره:
«و التحقیق: ان کلتا المناقشتین غیر واردتین:
اما مناقشة الوجه الاول فیدفعها:
ان السببیة علی نحوین:
احدهما: السببیة الشأنیۀ، و هی عبارة عن کون الشیء مؤثراً فی وجود المسبب لو انضمت الیه الشرائط فهی عبارة عن قضية شرطیة.
و الآخر: السببیة الفعلیة، و هی عبارة عن تأثیر السبب فی وجود المسبب فعلاً.
و علیه: فحین یقال: ان النار سبب للاحراق، تارة یراد به بیان قابلیة النار للتأثیر و انها ذات خصوصیة واقعیة مستلزمة للحرقة عند اجتماع سائر الشرائط من المماسة و یبوسة المحل. و هذا العنوان یصح اطلاقه علی النار و لو لم یکن للنار و لا للحرقة وجود.
و اخری: یراد به ترتب الاحراق فعلاً علی النار و هذا هو معنی السببیة الفعلیة.
و قد اتضح بهذا البیان:
ان السببیة المنتزعة عن وجود السبب خارجاً هی السببیة الفعلیة، اما السببیة الشأنیة: فهی فی مرحلة سابقة علی وجود المسبب، و هی تنتزع عن الخصوصیة الواقعیة الموجودة فی السبب التی بها یؤثر فی المسبب عند حصول شرائط التأثیر، فإنه لولا تلک الخصوصیة لا یقال عنه انه سبب لعدم قابلیة التأثیر.
و هذا البیان بنفسه يتأتی فی سبب التکلیف، فإن السببیة المقصودة تارة یراد بها السببیة الشأنیة و اخری: السببیة الفعلیۀ.
و ما یتنزع عن التکلیف الفعلی هو السببیة الفعلیة دون السببية الشأنیة، فإنها فی مرحلة سابقة علی التکلیف، فیطلق علی الدلوك انه سبب للوجوب و لو لم یوجد بعد، و یمتنع ان تکون منتزعة عن نفس التکلیف کیف؟ و هی ثابتة قبل وجود التکلیف کما عرفت.
و اذا عرفت ما ذکرناه، فنقول:
ان محل الکلام فیما نحن فیه هو السببیة الشأنیة دون السببیة الفعلیة و ذلک:
لأن المبحوث عنه هو ما یطلق علیه السبب و الشرط مع قطع النظر عن وجوده فی الخارج، کما یقال: الدلوك سبب لوجوب الصلاة و الاستطاعة شرط لوجوب الحج، فإن السببیة و الشرطیة هی الشأنیة لا الفعلیة، کما لا یخفی.
و هی کما عرفت لا یصح ان تنتزع عن التکلیف لتأخره عنها، فلو انتزعت عنه لزم الخلف، بل هی منتزعة اما عن خصوصیة واقعیة فی ذات السبب، و اما عن کیفیة الجعل و الانشاء – علی ما سیأتی تحقیقه –
فلا خلط فی کلامه قدس سره بین ذات السبب و السببیة، بل نظره قدس سره الی السببیة الشأنیة السابقة علی التکلیف لا الفعلیة کی یحصل الخلط، اذن فهذا الایراد غیر وجیه.
نعم: یمکن ان یورد علی صاحب الکفایة:
بأن من یدعی کون السببیة الشأنیة منتزعة عن التکلیف، لا یرید انها منتزعة عن نفس التکلیف الفعلی، کی یتأتی ایراده المتقدم.
بل یرید انها منتزعة عن مقام الجعل و کیفیة الجعل، فإن جعل المولی التکلیف مقیداً بشیء انتزع عنه ان ذلک الشیء شرط مثلاً، و ان جعله مطلقا من ناحیة ذلک الشیء لیس متأخراً عن السببیة الشأنیة اذن، فالایراد من هذه الناحیة اعنی تأخر التکلیف عن السببیة و لزوم الخلف لو کانت منتزعة عنه غیر تام.
و انما المهم:
هو تحقيق ان السببية الشأنیة هل هی منتزعة عن کیفیة الجعل کما قیل – او انها منتزعة عن خصوصیة واقعیة، بلا دخل لکیفیة الجعل، کما ذهب الیه صاحب الکفایة فی الوجه الثانی؟
و هذه الجهة ستتضح فی مناقشة الایراد الثانی علی صاحب الکفایة.