بسم الله الرحمن الرحیم
جلسه شصت و چهارم
اذا عرفت هذا فنقول:
ان ما نحن بصدد البحث فيه في المقام ما تناله يد الجعل غير الاحكام التكليفية اي ما يسند وضعه وجعله الي الشارع غيرها، ولا عبرة بتسميتها حكماً وضعياً في الكلمات، لأنه لو اريد من الحكم الوضعي ذلك اي ما تناله يد الجعل في غير التكاليف فيلتزم به والا فليس الاهتمام في البحث في التسمية، بل الاهتمام في واقعية الأمر وبيان ما يترتب عليه في الفقه من كونه مجري للأصول العملية علي ما سيأتي البحث فيه.
وعليه فإن ما تناله يد الجعل الشرعي غير التكاليف ينقسم الي قسمين:
1 ـ ما يرتبط بالتكليف.
2 ـ ما يرتبط بالمكلف به
اما الاول: اي ما يرتبط بالتكليف.
فالمقصود منه كل ما يكون دخيلاً في جعل التكاليف وهو السببية والشرطية والمانعية للتكليف.
وقد مر منا انها تنالها يد الجعل تبعاً، وأساس الوجه فيه تقيد الجعل بها في الارادة التشريعية، وسبق لحاظها علي الجعل وعدم تبدل الارادة بالجعل الا بعد لحاظ تقيده بها وارادة ما هو الدخيل في الجعل من المقتضي والشرط وعدم المانع.
فهي مجعولة وتنالها يد الجعل بتبع جعل التكليف.
وقد عرفت الكلام فيه تفصيلاً.
وهذا ما خالفة الشيخ واعلام تلامذته وتلامذة تلامذته.
واما الثاني:
وهو ما يرتبط بالمكلف به، وفيه اقسام ثلاثة:
الاول: الموضوعات المجعولة.
والمراد بها: كل ما اعتبره الشارع متعلقاً لتكاليفه.
بلا فرق فيه بين المتعلقات التأسيسية او المتعلقات الامضائية.
اما الاول: اي ما كان دخل الشارع فيه بالتأسيس:
فنظير المخترعات الشرعية كالصلاة والحج وامثالها، فإن التركيب الخاص فيها من الاجزاء والشرائط والموانع والقواطع وامثالها مولود لاعتبار الشارع ولا هوية لها الا بحسب اعتباره، فهو الواضع لها لأن يصير متعلقات لأحكامه التكليفية.
وهذه العناوين مجعولة بالجعل الاستقلالي، وانها مجعولة من الشارع ولم نوقش في صدق الحكم عليها، فإنها موضوعة ومجعولة وتصير مجري لجريان الاصول العملية.
ومثلها النبوة و الامامة، فإنهما مجعولتان من ناحية الشارع ووقعاً موضوعاً لأحكامه التكليفية كوجوب الاطاعة ولزوم الاعتقاد وامثاله ومثلهما الولاية الشرعية الثابتة لهما من ناحيته.
نعم، الولاية بعنوانها العام امر عرفي اعتبره الشرع في بعض الموارد وامضاه، وأما الولاية الشرعية خاصة به، ويكون تأسيساً منه كالنبوة والإمامة.
وأما مثل القضاوة وامثالها من شؤون الولاية حسب ما اعتبرها الشرع.
وكذا الحكومة، فإنها وإن ليست شرعية بحسب اصلها الا انه اتخذها الشرع بقيوده، وصارت الحكومة الشرعية فهي من المجعولات الامضائية كالولاية.
وإن كان لا يستبعد الالتزام بأن الحكومة كالقضاوة من شوون الولاية، وليست مستقلة بالجعل لا تأسيساً ولا امضاءً.
الثانی: ما یتعلق بالموضوعات الشرعیة.
و المراد به ما اعتبره الشرع فی متعلق حکمه كالمقدمية و الجزئیة و الشرطیة و المانعیة و الرافعیة و السببیة.
فإن بالنسبة الی متعلقات الاحکام التکلیفیة کالصلاة و الحج من الماهیات المخترعة، ان الشارع انما یعتبر دخل بعض العناوین فیه، فإنه یعتبر السورة جزئاً للصلاة، و الوضوء مقدمة، و طهارة اللباس شرطاً فی مثل الصلاة او الحدث قاطعاً، کما یعتبر الطواف جزئاً، و الوقوف فی العرفات جزئاً للحج، فإن فی امثال هذه الموارد لولا اعتبار الشرع و لحاظه و إن شئت قلت: لولا جعله لا یتصف هذه الموارد بهذه العناوین، اي لولا جعل الشارع الجزئیة للسورة فی صلاته لم تتصف بالجزئیة لها.
و هکذا الأمر بالنسبة الی سائر العناوین.
ثم ان الجعل فی هذه العناوین یکون تبعیاً دائماً بمعنی ان الشارع لا یعتبر السورة جزئاً بعنوانها و مستقلة عن سائر اجزاء الصلاة، و انه لا یترتب علی جعلها مستقلة اثر شرعی، بل الجعل دائماً انما یکون تبعاً لجعل الکل المرکب فیها المخترع من ناحیة الشارع الشامل بجمیع ما له الدخل فی تحقق المرکب کذلک کالصلاة.
و تکون الشاخصة فیها کونها موضوعة للأثر الشرعي مع ضمها لغیرها مما یکون له الدخل فی تحقق المرکب ای ان موضوع الأثر السورة مع ضمها بسائر الاجزاء و الشرائط و غیرها من الضمائم فی الصلاة.
فالجعل فیها دائما یتقید بالانضمام المذکور، و لذلک یمکن القول بأن الجعل فی مثلها انما یتحقق بجعل المرکب منها کالصلاة.
فان قلت:
علی هذا لا یصیر هذا العنوان قسیماً للماهیات المخترعة المجعولة ای المتعلقات الشرعیة للاحکام التکلیفیة، لأن جعلها التبعي انما کان ینشأ من جعل الکل، فإذا اعتبر الشارع المرکب فإنما یتحقق الجعل بالنسبة الی کل ما کان دخیلاً فی تحققه تبعاً، فلا وجه لاستقلاله بالذکر وجعله قسیماً.
قلت:
هذا صحیح و لذا جعلناهما و کذا النحو الثالث بأجمعها قسیماً لما اعتبره الشرع فی مقام التکلیف.
الا ان الوجه للتفریق بین العنوانین امکان تقرر کل منهما مجری للأصول العملیة، فإن الجزئیة و الشرطیة و امثالها التی عبرنا عنها بجعلها جزئاً بقید الانضمام فی مقام دخلها فی المرکب قابل لجريان الاصل کالاستصحاب، و غیرها من الاصول العملیة.
نعم: انه کما یمکن جریان الاصل فی نفس الجزئیة کما اذا شک فی اعتبار السورة جزئاً للصلاة فإنما یستصحب عموم جزئیته، یمکن جریانه فی المرکب منها ای الصلاة عند الشک المذکور، بأن یشک فی اعتبار السورة عند اعتبار المرکب فسیصتحب عدم اعتباره، و کان جریان الاصل فی المرکب بمنزلة السبب لجریانه فی نفس الجزئیة، الا انه لو فرضنا قیام المانع لجریان الاصل فی المرکب لأمکن جريانه فی نفس الجزء.
و هذا یکفی لاعتبار مثل هذا العناوین موضوعاً فی قبال موضوعیة السبب، لأن تمام البحث فی المقام تحقق الاحکام الموضوعية من حیث جریان الاصول و عدمه و المعیار ما یکون مجری للاصل فیها.
الثالث:
ما یتعلق بتصرف الشارع و حکومته فیما یترتب علی تحقق الاطاعة لأحکامه او تحقق الموضوع او المتعلق لها.
و المراد منه ما یعتبره الشارع فی دائرة سلطانه من البناء علی تحقق الاطاعة مع عدم تحققها واقعاً و خارجاً، نظیر ما اذا بنی الشارع علی الصحة فی الاتیان بمتعلق حکمه مع عدم صحته خارجاً بمقتضی القواعد فی الاجزاء العقلی، کما اذا بنی علی صحة الصلاة اذا ادرک المکلف رکعة منها فی الوقت، فإن مقتضی الصحة الواقعیة الایتان بالصلاة مع رعایة شرط الوقت فی جمیع اجزائه.
ولکن الشارع اکتفی عن ذلک برعایته ولو فی رکعة واحدة، و هذا اعتبار خاص صدر منه فی دائرة سلطنته.
و هذا فی الحقیقة جعل خاص لمعنی الصحة فی العرف المبتنی علی مطابقة المأتی به و المأمور به.
ففی الحقیقة ان الشارع انما یتصرف فی مفهوم الصحة فی مقام امضاء البناء العرفی و العقلائی فی معنی الصحة.
و نظیر ذلک ما ربما یرد عن الشارع فی مقام التنظیر، نظیر ما ورد فی ان الطواف فی البیت صلاة.
او ما ورد فی نفی الموضوع مثل لا ربا بین الوالد و الولد، او لا ربا بین الزوج و الزوجة.
فإن فی امثال هذه الموارد ان للشارع تصرف اما فی مقام التأسیس او فی مقام الامضاء فی تبدل الموضوع الشرعی او الموضوع العرفی، و هذا التصرف اعتبار خاص منه فی مقام تحقق الاطاعة او عدم تحققه و تحقق المتعلق لحکمه و عدم تحققه، و هذا الاعتبار وضع منه فی مقام الحکومة، و لذا يصیر مجری الاصل اذا شک فی اعتباره بسبقه بالعدم لأنه موضوع مجعول من ناحیة الشارع.
و من هذا القبیل العناوین الثانویة الرافعة للحکم عن المتعلق تأسیساً او امضاء فإنها تصرف منه و اعتبار من قبله یعبر عنه بالأحکام الثانویة مع ان التصرف فیها انما هو فی نفی الحکم بلسان نفی الموضوع، فإن الموضوع الضرری او الحرجی لیس موضوعاً للجواز او الحرمة او ان الاتیان به لیس مجزیاً علی بعض المبانی.
و الجامع بین هذه العناوین تصرف الشارع حکومة و هی ایضاً یصیر مجری الاصل من حیث کونها اعتباراً صادراً منه تعالی.
و الوضع فی هذه الموارد لیس تبعیاً کجعل الجزئیة او الشرطیة، بل مستقل اعتبره الشارع فی مقام تحقق الاطاعة و تنقیح الموضوع.
و من جملة هذا العناوین الصحة و البطلان و الرخصة و العزیمة.
ثم ان بعد تنقيح البحث فی هذا المقام ینبغی التأکید علی امرین: