بسم الله الرحمن الرحيم
جلسه صد و دوازده
قال الشيخ (قدس سره) في تقريب الاستدلال به:
«فإن كلمة " ما " إما موصولة أضيف إليه السعة وإما مصدرية ظرفية، وعلى التقديرين يثبت المطلوب.
وفيه: ما تقدم في الآيات: من أن الأخباريين لا ينكرون عدم وجوب الاحتياط على من لم يعلم بوجوب الاحتياط من العقل والنقل بعد التأمل والتتبع.»[1]
وقال المحقق العراقي(قدس سره):
« (ودلالتها) على المطلوب ظاهرة كانت كلمة ما مصدرية ظرفية، أو موصولة أضيف إليه السعة (إذ). المعنى على الأول انهم في سعة ما داموا غير عالمين بالواقع.
(وعلى الثاني) انهم في سعة ما لا يعلمونه من الاحكام الراجع إلى عدم كونهم في كلفة ايجاب الاحتياط فيعارض ما دل على وجوب التوقف والاحتياط.
(وأورد) على الاستدلال المزبور: بان الخصم غير منكر للسعة على من لم يعلم بوجوب الاحتياط من العقل والنقل بعد التأمل والتدبر وانما يدعى الضيق والكلفة من جهة العلم بوجوب الاحتياط بزعم قيام الدليل العقلي والنقلي على وجوبه فتكون أدلة الاحتياط على تقدير تماميتها واردة على هذه الرواية.
(ولكن فيه): ان ذلك يتم إذا كان دعوى الاخباري اثبات العقوبة على مخالفة نفس ايجاب الاحتياط في قبال الواقع وليس كذلك (بل مقصودهم) انما هو اثبات العقوبة على مخالفة التكليف المجهول بمقتضى ما دل على وجوب التوقف والاحتياط في قبال الأصولي (فان) هذا هو الذي يساعد أدلتهم من نحو رواية التثليث من نحو قوله ع وهلك من حيث لا يعلم.
(وعليه) فلا وجه لتوهم ورود أدلة الاحتياط على الرواية ولا حكومتها عليها.
(نعم) لو كان أدلة الاحتياط متكفلة لاثبات العلم بالواقع كالأمارات كان لدعوى الحكومة كمال مجال (ولكنه) ليس كذلك، بداهة ان مفاد تلك الأدلة لا يكون الا مجرد اثبات وجوب التوقف والاحتياط عند الجهل بالواقع (ومجرد) صلاحيتها لتنجيز الواقع عند الموافقة لا يقتضي الطريقية والكاشفية أيضا كما هو ظاهر.
(نعم) لو كان العلم في الرواية كناية عن مطلق قيام الحجة على الواقع، أو كان المراد من عدم العلم الذي عليه مدار السعة هو عدم العلم بمطلق الوظيفة الفعلية لأمكن دعوى ورود أدلة ايجاب الاحتياط عليها.
(ولكن) ذلك خلاف ما يقتضيه ظهور الرواية في كون العلم الذي عليه مدار الضيق هو العلم بالواقع كما هو ظاهر.»[2]
وحاصل ما افاده (قدس سره) معارضة الحديث بناء علي كون الموصول يضاف اليه السعة اي انهم في سعة ما لا يعلمونه من الاحكام. مع اخبار الاحتياط و لكن يرد عليه بتقدم اخبار الاحتياط.
وذلك لان هذه الرواية عامة لمطلق الشبهة واخبار الاحتياط خاصة بالشبهة التحريمية فتكون اخص من الرواية بحسب الدلالة فتخصص مفاد الرواية بها كما افاده المحقق النائيني(قدس سره).
ومن الاخبار التي استدل بها للبرائة قوله (عليه السلام) كل شي مطلق حتي يرد فيه النهي.
قال صاحب الكفاية:
« ومنها قوله (عليه السلام):
كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهي» ودلالته يتوقف على عدم صدق الورود إلا بعد العلم أو ما بحكمه، بالنهي عنه وإن صدر عن الشارع ووصل إلى غير واحد.
مع أنه ممنوع لوضوح صدقه على صدوره عنه سيما بعد بلوغه إلى غير واحد، وقد خفي على من لم يعلم بصدوره.
لا يقال: نعم، ولكن بضميمة أصالة العدم صح الاستدلال به وتم.
فإنه يقال: وإن تم الاستدلال به بضميمتها، ويحكم بإباحة مجهول الحرمة وإطلاقه، إلا أنه لا بعنوان أنه مجهول الحرمة شرعا، بل بعنوان أنه مما لم يرد عنه النهي واقعا.
لا يقال: نعم، ولكنه لا يتفاوت فيما هو المهم من الحكم بالإباحة في مجهول الحرمة، كان بهذا العنوان أو بذاك العنوان.
فإنه يقال: حيث أنه بذاك العنوان لاختص بما لم يعلم ورود النهي عنه أصلا، ولا يكاد يعم ما إذا ورد النهي عنه في زمان، وإباحته في آخر، واشتبها من حيث التقدم والتأخر.
لا يقال: هذا لولا عدم الفصل بين أفراد ما اشتبهت حرمته.
فإنه يقال: وإن لم يكن بينها الفصل، إلا أنه إنما يجدي فيما كان المثبت للحكم بالإباحة في بعضها الدليل، لا الأصل، فافهم.»[3]
هذا وما استدل به ما رواه الصدوق (قدس سره) في الفقيه. قال:
روي عن الصادق (عليه السلام) انه قال: كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهى.
ورواه في عوالي اللئالي عن الصادق (عليه السلام) الا ان قال فيه حتي يرد فيه نصّ.[4]
[1]. الشيخ الانصاري، فرائد الاصول، ج2، ص41-42.
[2]. الشيخ محمد تقي البروجردي، نهاية الافكار تقرير البحث المحقق ضياء الدين العراقي، ج3، ص228.
[3]. الآخوند الخراساني، كفاية الاصول، ص242-243.
[4]. وسائل الشيعة(آل البيت)، ج9، الباب12 من ابواب صفات القاضي، ص173، الحديث33530/67.